أخبار منوعةأسلوب حياةتحليلات وتقاريرتحليلات وتقارير

مصيرٌ واحد يُلاحق ورثة باريس وبغداد.. منزل الوالدين ليس ملكك بعد اليوم!

روافدنيوز/ متابعة

لطالما كان منزل الوالدين حصن الذكريات بعد الفراق. لكنّ هذا الحصن أصبح الآن مصدر صدمة وغضب غير مسبوق! ففي خضم ألم الوداع، تفرض رسوم الميراث العقاري الباهظة على الوريث حقيقة قاسية: عليك أن تشتري منزل والديك مرتين.

هذا العبء المالي يجبر الأبناء على التخلي القسري عن الإرث، لتتحول الذكريات العائلية إلى مجرد أرقام في فاتورة يجب تسديدها للخزينة.

يُثير النقاش الحاد في فرنسا حول رسوم الميراث العقاري الجديدة، والّتي ستدخل حيّز التنفيذ في الاوّل من تشرين الثاني، قضية عالمية مؤلمة: فبعد فقدان الوالدين، يجد الوريث نفسه أمام حقيقة قانونية واقتصادية قاسية، وهي دفع “ثمن ثانٍ” لمنزل دفع الوالدان ضرائبه طوال حياتهم.

الأصوات الغاضبة في فرنسا، التي تصف هذه الرسوم بأنّها “أمرٌ مقرف”، تعكس حجم الصدمة عندما يكتشف الوريث أنّ عليه دفع مبالغ طائلة، قد تصل إلى 100 ألف يورو على منزل قيمته 600 ألف يورو، ممّا يُجبره إمّا على الاقتراض أو استنزاف مدخراته للحفاظ على إرث العائلة.

وفي كثير من الأحيان، يكون الخيار الوحيد هو بيع المنزل الموروث لتغطية هذه الرسوم الباهظة، وبذلك تضيع ذكريات العائلة مقابل تسديد متطلبات الخزينة العامة.

الميراث في السياق العراقي: تحدي التعقيد الإداري و”شيوع الملكية”

إذا كان الغضب في أوروبا يتركز على ارتفاع الرسوم والضرائب المباشرة على الإرث، فإنّ التحديات التي يواجهها المواطن العراقي في مسألة الميراث العقاري تتخذ طابعًا مختلفًا، يمزج بين الأعباء المالية الحكومية، والتعقيدات الإدارية وطول مدتها، وتنازع الملكية المشتركة. إذ تبدأ العملية في العراق بإجراءات روتينية طويلة الأمد لـ “حصر الإرث” وتوثيقه عبر دوائر متعددة. وعلى الرغم من أنّ الضريبة في العراق قد لا تصل إلى المستويات الباهظة المطلوبة في بعض الدول الغربية لبيع العقار، إلّا أنّ هناك رسومًا وتكاليفًا إدارية وعقارية يجب تسديدها للحصول على سند الملكية (الطابو)، وهي تُمثل عبئًا إضافيًا على كاهل الوريث.

معضلة “التوزيع العيني” والإلزام بالبيع

يُعتبر التوزيع العيني للعقار التحدي الأكبر في المجتمع العراقي. ففي ظل التوريث الشرعي، قد يؤول المنزل الواحد إلى عدد كبير من الورثة (إخوة وأخوات)، ممّا يخلق حالة “شيوع الملكية”. وهنا يبرز الجدل: يصبح منزل واحد بملكية مشتركة لا يمكن لأي وريث التصرف فيه بالكامل أو العيش فيه بمفرده دون موافقة البقية. وغالبًا ما تنتهي حالات شيوع الملكية، خاصة مع العقارات الصغيرة، إلى الإلزام ببيع العقار وتوزيع ثمنه على الورثة. وهذا هو لبُّ المشكلة الاقتصادية والاجتماعية في الميراث العراقي؛ فالورثة يخسرون العقار العائلي لا بسبب الضرائب الباهظة، بل بسبب عدم إمكانية تقسيم العقار نفسه بين عدد كبير من الملاك، ممّا يؤدي إلى ضياع أصل العائلة.

القيمة العاطفية المهددة

ومثلما يتأثر المواطن الفرنسي بفقدان “منزل الوالدين” وقيمته العاطفية، فإنّ المنزل العراقي الموروث يمثل ركنًا أساسيًا من الترابط الاجتماعي وسجل العائلة. عندما يُباع المنزل بسبب الرسوم أو بسبب خلافات التوزيع، فإنّ ذلك يترك فراغا عميقا في الذاكرة العائلية والمجتمعية.

وفي الختام، سواء كان العبء في أوروبا متمثلًا في الضرائب الباهظة التي تُجبر على البيع القسري، أو في العراق متمثلًا في تعقيدات التقسيم والشيوع الإجباري الذي يؤدي للبيع، فإنّ النتيجة واحدة: يجد الجيل الجديد نفسه مضطرًا لبيع الإرث العائلي، لتتحول قطعة الأرض أو المنزل إلى مجرد رقم يتم توزيعه، بدلًا من أن يبقى رمزًا للعائلة وذكرياتها./انتهى

Rawafed News

وكالة روافد نيوز الإخبارية” وكالة عراقية بنكهة عربية اصيلة لاتمثل ولاتمت باي صلة لاي جهة حزبية او سياسية سواء داخل وخارج العراق هدفها نقل الحقائق كما هي دون تزييف او رتوش تنبذ العنف والطائفية والاستغلال البشرية وتعمل على نشر مفاهيم المحبة والامن والسلام في العالم وتحترم خاصية كل الاديان والطوائف والمذاهب وتعزز من الروابط الاجتماعية بين الناس

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x