محاكاة مرعبة تكشف ماذا سيحدث عندما نعلم أن نهاية العالم قريبة!

روافدنيوز/ متابعة
كشفت محاكاة مرعبة النقاب عن جانب مظلم محتمل في الطبيعة البشرية مع اقتراب نهاية العالم، حيث يمكن أن تبرز أدنى غرائزنا لتهيمن على المشهد.
وفي المحاكاة، وجد العلماء أن الغرائز الأكثر ظلمة في الطبيعة البشرية قد تطفو على السطح عندما تختفي القوانين والعقوبات التي تضبط السلوك.
وتشير الدراسة إلى أن اللحظات الأخيرة من الوجود قد تشهد انفجارا في العنف، تماما كما تصوره أفلام ومسلسلات نهاية العالم مثل Mad Max وFallout.
ووفقا للعلماء، فإن السبب وراء هذا الانفلات هو أن العقوبات على العنف “تفقد معناها” عندما يدرك الناس أن النهاية حتمية، ما يدفع البعض إلى إطلاق العنان لنزعاتهم الوحشية الكامنة. ورغم أن هذه التجربة جرت داخل عالم افتراضي، إلا أن العلماء يؤكدون أنها تقدم لمحة مرعبة عما قد يحدث في حال واجه البشر نهاية حقيقية للعالم.
وأوضح الدكتور هاوون كواك، من جامعة إنديانا بلومنجتون وأحد القائمين على الدراسة، في حديثه لصحيفة “ديلي ميل” البريطانية أن النتائج “تثير تساؤلات عميقة حول السلوك الإنساني”، مضيفا أنها “تجبرنا على التفكير في الأفعال التي تحكمها العقوبات الخارجية وتلك التي تنبع من أخلاقنا أو أعرافنا الاجتماعية”.
وجرت المحاكاة داخل فترة اختبار مبكر من لعبة جماعية ضخمة على الإنترنت تعرف باسم ArcheAge، وهي من نوع MMORPG، حيث تفاعل فيها آلاف اللاعبين في عالم رقمي متكامل يجمع بين الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والقتالية.
وكان المشاركون يعلمون أن عالمهم الافتراضي سينتهي تماما بعد أحد عشر أسبوعا فقط، ما جعل اللعبة، كما وصفها الدكتور كواك، “مختبرا حيا” لدراسة السلوك البشري تحت ضغط الزمن والنهاية الوشيكة.
وقام العلماء بتحليل أكثر من 270 مليون سجل سلوكي للاعبين، لمعرفة كيف سيتغير سلوكهم عندما يدركون أن النهاية قريبة. وبينما واصل معظم اللاعبين حياتهم الافتراضية بشكل طبيعي، أظهرت النتائج أن قلة منهم، وصفوا بـ”الاستثنائيين”، بدأوا يتصرفون بعنف متزايد. وفي الأسابيع الأخيرة من التجربة، تمكن الفريق من تحديد 334 لاعبا ارتكبوا ما يعرف داخل اللعبة بـ”القتل”، أي مهاجمة لاعبين آخرين من نفس العرق داخل العالم الرقمي، وهو فعل يعاقب عليه عادة داخل اللعبة.
لكن مع اقتراب نهاية الفترة التجريبية، فقدت هذه العقوبات معناها، إذ لم يعد هناك وقت ليحاسب أحد، ما جعل بعض اللاعبين يتصرفون بحرية تامة وبنزعة بدائية نحو العنف.
كما أظهرت البيانات أن بعضهم ازداد ميلا للقتل بسرعة مذهلة كلما اقتربت نهاية العالم الافتراضي، في دلالة على أن غياب الردع يحرر السلوك العدواني الكامن لدى البعض.
وعند دراسة من هم أكثر عرضة للتحول نحو العنف، اكتشف العلماء أن معظم هؤلاء ينتمون إلى فئة تعرف باسم “المغادرين” (churners)، أي اللاعبين الذين قرروا ترك اللعبة طواعية قبل نهايتها. وهذا السلوك يشير إلى أن فقدان الإحساس بالانتماء والمسؤولية قد يكون عاملا رئيسيا في تعزيز السلوك المعادي للمجتمع.
ورغم الطابع المظلم لهذه النتائج، فإن العلماء لا يعتقدون أن البشر الحقيقيين سيقدمون على سلوك مشابه في الواقع. ويؤكد الدكتور كواك أن “النقر بالفأرة في لعبة لا يقارن بفعل عنيف في الحياة الواقعية”، مشددا على أن هناك فارقا جوهريا بين السلوك الافتراضي والسلوك الفعلي.
لكن المدهش في الدراسة أن التغيرات السلوكية لم تكن كلها سلبية. فبينما انجرف بعض اللاعبين نحو العنف، أظهر الغالبية العظمى زيادة ملحوظة في السلوك الاجتماعي مع اقتراب النهاية. فقد تخلى كثير منهم عن محاولة التقدم في اللعبة أو إتمام المهام المعتادة، وبدلا من ذلك، ركزوا على التواصل مع الآخرين: إرسال الرسائل، تكوين الفرق الجماعية، والتفاعل بشكل أكبر مع أصدقائهم داخل العالم الرقمي.
ويرى الباحثون أن هذه النتيجة تعكس جانبا أكثر إنسانية من السلوك في مواجهة الفناء، إذ يظهر الناس ميلا طبيعيا إلى تعزيز الروابط الاجتماعية عندما يواجهون أزمة مشتركة.
ويقول الدكتور كواك: “تشير النتائج إلى أن اللاعبين، عندما واجهوا سيناريو نهاية الزمان، ركزوا على ما هو أهم حقا: علاقاتهم الاجتماعية. ومن المرجح أننا سنرى السلوك نفسه في الواقع، لأن الأزمات غالبا ما تقرب الناس من بعضهم البعض، وتقوي الروابط التي تجمعهم”./انتهى



