مبادرة السلام الأزرق في الشرق الأوسط تعقد أول اجتماع رفيع المستوى في بيروت

روافدنيوز/ متابعة/ عادل فاخر
عقدت اللجان الاستشارية والإدارية المشتركة لمبادرة السلام الأزرق في الشرق الأوسط برئاسة صاحب السمو الملكي الأردني الأمير الحسن بن طلال، اجتماعها الرابع في السراي الكبير بالقصر الحكومي في بيروت، الإثنين، وبرعاية رئيس الوزراء اللبناني الدكتور نواف سلام، وهو أول اجتماع رفيع المستوى للمبادرة في لبنان، مما يُبرز الدور الاستراتيجي للبلاد في تعزيز التعاون الإقليمي في مجالات المياه العابرة للحدود والطاقة والغذاء والنظم الإيكولوجية.
ويُشكل الاجتماع منصةً رئيسيةً لترسيخ إنجازات ثلاث سنوات خلال المرحلة (2023-2026) حيث استعراض الدروس المستفادة، وتحديد مسار المبادرة في عامها الأخير من هذه المرحلة. استكشف المشاركون من العراق والأردن ولبنان وسوريا وتركيا وإيران أثر المبادرة على التعاون الثنائي والإقليمي في مجال المياه بين الدول الأعضاء والمراقبة والدول التي انضمت إليها والدول التي راقبت الدول الأعضاء والدول التي رحبت بانضمام أعضاء جدد إلى اللجان الاستشارية للسياسات واللجان الإدارية، وكذلك الدول التي وضعت اللمسات الأخيرة على استراتيجيات التواصل الوطنية لعام 2026، كما ناقش الاجتماع الفرص الاستراتيجية لتعزيز المشاركة الدولية، بما في ذلك دور مبادرة السلام الأزرق في الشرق الأوسط في إدارة المياه العالمية.
وشارك في الاجتماع رئيس اللجنة الادارية لمبادرة السلام الأزرق في الشرق الأوسط الدكتور محمد أمين فارس أمين، والذي أكد أن المياه حين تُدار بحكمةٍ ومسؤولية يمكن أن تكون جسراً للتعاون، حتى عندما يكون السياقُ الأوسع هشّاً ومتقلباً، مرحبا بممثلي سويسرا والداعمين لهذه المبادرة، مبينا أن الشراكة السويسرية الراسخة أسهمت في أن تبقى مبادرة السلام الأزرق في الشرق الأوسط وفيةً لجوهرها، ومنصةً موثوقةً تتيح لنا أن نتحدث بوضوحٍ ومسؤولية، وأن نصغي باحترامٍ وتفهّم، حتى حين تجعل الظروف السياسية الأوسع ذلك أكثر صعوبة.
وأوضح أمين أن المياه في الشرق الأوسط ليست المياه مجرد ملفٍّ فنيٍّ أو قطاعي؛ بل هي شأنٌ يتصل اتصالاً مباشراً بمعادلات السياسة والاقتصاد والأمن، ويأتي تغيّر المناخ ليضاعف الضغوط على أنظمةٍ مُنهكةٍ أصلاً، فيما تجعل التحديات الاقتصادية والأمنية الراهنة مسارات التعاون أكثر تعقيداً وأكثر إلحاحاً في آنٍ واحد، ومن هنا تتبدّى القيمةُ العملية لهذه المبادرة من حيث الإبقاء على قنوات التواصل مفتوحة، وبناء الثقة على نحوٍ تراكمي، وتحويل التحديات المشتركة إلى أساسٍ لعملٍ مشتركٍ رشيد.
إشادة ودعم
واشاد نائب رئيس البعثة السويسرية في لبنان فنسنت باسكييه فنسنت باسكييه، بدور صاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال في تعزيز التعاون الإقليمي في مجال المياه، مؤكدا على دعم سويسرا المستمر لمبادرة السلام الأزرق في الشرق الأوسط، باعتبارها منصةً لتعزيز التعاون في مجال المياه العابرة للحدود، والحلول المستدامة.
وقال باسكييه الي تقدم بالشكر أيضا إلى رئيس وزراء لبنان لاستضافته الاجتماع الذي يعبر عن التزام لبنان في الحوار والتعاون، أن سويسرا لطالما كانت فخورة بدعم مبادرة السلام الأزرق في الشرق الاوسط التي تشكل منصة لتحويل المياه من مصدر للنزاعات الى محرك للحوار والتعاون والاستقرار والازدهار في المنطقة نفسها، واعتبر ان المياه هي هدية ومن الواجب احترامها وحمايتها وتشاطرها كسلعة مشتركة، مشيرا إلى التحدي والتغيير المناخي والى أهمية ايجاد ادارة للمياه عابرة للحدود وهذا ما تفعله مبادرة السلام الأزرق في الشرق الأوسط التي اعتبر أنها تقدم منصة للشباب وللأكاديميين وصناع القرار والخبراء للعمل معا لإيجاد حلول مستدامة.
أهمية التعاون
من جهته شدد عضو اللجنة الاستشارية للسياسات اللبنانية فادي جورج قمر، على الأهمية الاستراتيجية للتعاون في مجال المياه العابرة للحدود، وحدد الأولويات الرئيسية، بما في ذلك الإدارة المشتركة للأحواض المائية، وتبادل البيانات، وممارسات الري الحديثة، مؤكدا على أهمية دبلوماسية المياه، القائمة على الاتفاقيات الدولية، كأداة حاسمة لمنع النزاعات، وللمشاركة الإقليمية طويلة الأمد.
وقال قمر أنَّ هذا الاجتماع الاستراتيجيّ يمثِّلُ محطَّةً محوريةً للتعاونِ في مجالِ المياهِ العابرةِ للحدودِ في منطقتنا وهذا التعاون يمكن أن يتجلّى في الخطوات التالية والتي هي ثمرة نتاج مسار خبرة طويل في المفاوضات لأكثر من 30 سنة وهي:
انشاء منظمة أحواض اقليمية تتمثل فيها كافة الدول المعنية لإدارة الأحواض المشتركة ولمساعدة البلدان المتشاطئة على تصميم مشاريع انمائية مفيدة لها للحفاظ على حقوقها المائية والاستفادة منها بالشكل الأمثل والفعّال.
وانشاء قاعدة معلومات وبيانات وتبادلها بين البلدان المعنية وهي من الخطوات الأساسية في العمل، فضلا عن التشاور بين الدول التي لديها أحواض مشتركة من أجل انشاء مشاريع مشتركة، وتجنّب التسبّب بأضرار جسيمة من خلال نقل التلوّث من الدول الواقعة أعلى الحوض إلى الدول الواقعة أسفله لأنها تسمح باعتماد مبدأ المُلوثّ يدفع وتشكل مضاعفات كثيرة، والتدريب على الإدارة المتكاملة للأحواض المشتركة وللموارد المائية من أجل أنْ تكونَ هناك لجنة فعّالة للمفاوضات مع الأخذ بعين الاعتبار الاحتباس الحراري والتغير المناخي، الذي سوف يؤثر سلبًا على مناطق الحوض، خاصةً أنَّ هناك ما نسبته 60% من المياه في المنطقة هي مياه عابرة للحدود.
التزام لبنان بدبلوماسية المياه
وأشاد رئيس وزراء لبنان الدكتور نواف سلام، بالدور الدائم لصاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال، باعتباره داعماً رئيسياً للتعاون في إدارة موارد المياه العابرة للحدود، مؤكدا التزام لبنان الراسخ بدبلوماسية المياه، مشيراً إلى أن لبنان كان أول دولة عربية تصادق على اتفاقية الأمم المتحدة بشأن المجاري المائية لعام 1997.
وقال سلام أن الامير الحسن بن طلال الذي كان ولا يزال صوتاً رائداً يؤمن بأن المياه المشتركة يجب ان تكون عنصراً موحداً لا مفرقاً، وأن لبنان كان له مسار طويل في مجال الدبلوماسية المائية، مشيراً الى انه اول دولة عربية تصادق على اتفاقية الأمم المتحدة في العام 1997.
منصة تجمع الجميع
ووصف صاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال، رئيس مبادرة السلام الأزرق في الشرق الأوسط، المبادرة بأنها منصة محايدة وموثوقة للدبلوماسية غير الرسمية، تجمع الحكومات والخبراء والشباب والإعلام والمجتمع المدني، مرحبا بانضمام سوريا، مشجعا آليات التعاون الثنائي بين الدول المشاركة، وأهمية تبادل البيانات الموثوقة لدعم التعاون والاستقرار الإقليميين.
وقدم الأمير الحسن نبذة مسهبة عن تأسيس مبادرة السلام الأزرق في الشرق الأوسط، وأشاد بانضمام سوريا اليها عبر عضويتها في كل من اللجنة الاستشارية للسياسات واللجنة الادارية وهي اصبحت الدولة الخامسة الاساسية وجميعا نرحب بهذا التطور ونبحث عن مظلة للتعاون الموحد. ومن هذا المنطلق نرحب باللجان الثنائية الوطنية سواء بين العراق وتركيا، الأردن وسوريا والعراق وإيران وهذا يسهم بتطبيق رؤية مبادرة السلام الأزرق في الشرق الأوسط.
وأشار الى أهمية قاعدة معلوماتية موثوقة من قبل الجميع، اي المعلوماتية الموجهة المساحية والخرائطية والجيولوجية التي أصبحت من الضرورات، داعيا الى تشكيل مجلس اقتصادي اجتماعي يعنى بأولويات المنطقة والإقليم، منوها إلى أهمية البحث عن القواسم المشتركة التي تخدم شعوب المنطقة.
ويُجسد هذا التجمع التاريخي التزام الجهات الإقليمية المعنية بتعزيز التعاون، والنهوض بحلول متكاملة للمياه والصرف الصحي والغذاء، وبناء مستقبل مستدام وقوي للمنطقة.
جدير بالذكر أن مبادرة السلام الأزرق في الشرق الأوسط هي أول مبادرة إقليمية مملوكة بالكامل، تم تأسيسها عام 2019، لتحويل المياه من مصدر محتمل للصراع إلى أداة للتعاون من خلال الحوار وبناء القدرات واتخاذ إجراءات ملموسة. بفضل الدعم السخي من سويسرا، وتعمل هذه المبادرة برؤية تسخير قوة المياه لبناء مستقبل تعاوني للمنطقة./انتهى



