قصة كريستين التي تركت جبال فرنسا ولجأت لداعش

بغداد/روافدنيوز
في واقعة هزّت الرأي العام الفرنسي، تحولت كريستين ألان، المربية والوجه التربوي المعروف في إقليم “لو” جنوبي فرنسا، إلى عضو في تنظيم داعش بعد سنوات من العمل في تربية ورعاية المراهقين.
وادانت محكمة الجنايات الخاصة في باريس كريستين بالسجن 13 عامًا، لتصبح قصتها مثالًا صارخًا على كيف يمكن للتطرف أن يتسلل حتى إلى أكثر الشخصيات استقرارًا واحترامًا في المجتمع.
وكريستين ألان (67 عامًا)، التي كرست حياتها سابقًا لمساعدة المراهقين في أوضاع صعبة، أصبحت اليوم رمزًا لمسار مأساوي ينتهي خلف القضبان، بعد إدانتها بالانتماء إلى التنظيم الإرهابي.
وقصتها، التي تبدأ بين الجبال الهادئة انتهت في ركام الرقة بسوريا، وسط أسئلة مقلقة حول قدرة التطرف على اختراق حتى أكثر البيئات استقرارًا، بحسب صحيفة “ميدي ليبر” الفرنسية.
حكم قاسٍ في باريس
وأصدرت محكمة الجنايات الخاصة في باريس حكمًا بالسجن 13 عامًا على كريستين ألان، مع فترة أمنية إلزامية تعادل ثلثي العقوبة، بعد إدانتها بالانتماء إلى تنظيم داعش.
وحكمت المحكمة على كنتيها جنيفر كلان (42 عامًا) بالسجن 11 عامًا، ومايلان دوهارت بالسجن 10 أعوام، بعد إدانتهما بالانخراط في الشبكة الجهادية لعائلة كلان.
من مربية محبوبة إلى متشددة
عرفها زملاؤها لسنوات كـ”مربية مثالية وامرأة محبوبة دائمًا”، وبحسب شهادة أحد زملائها السابقين لصحيفة “لا ديبيش”، فقد كانت تدير شققًا علاجية تستقبل شبانًا في خطر، وتمنحهم الرعاية والتوجيه.
لكن حياتها أخذت منعطفًا غريبًا حين تركت عملها فجأة لأنها لم تعد “تريد التعامل مع الفتيان”، وبعد ذلك بوقت قصير، صُدم زميلها حين صادفها مجددًا منقبة على طريق للمشي الجبلي، وتحاول إقناع فتيات صغيرات باعتناق الإسلام.
الهروب من الرقة
خلال محاكمتها التي استمرت أسبوعين، استعاد القضاة تفاصيل انغماسها وعائلتها في “أجواء سرية” من التشدّد داخل صفوف داعش، فقد عاشت النساء الثلاث في مدينة الرقة، معقل التنظيم في سوريا، حتى عام 2017، حين فررن مع تقدم القوات الكردية المدعومة من التحالف الدولي.
وانتهى بهن المطاف في مخيم “أعزاز” قرب الحدود التركية، حيث عشن بين نساء أكثر تشددًا، منغمسات في أجواء من التكفير والصراعات الداخلية.
ورغم الظروف المزرية في المخيم، استمرت النساء في ممارسة “التحريم والتكفير” بحق بعضهن البعض، بل وصل الأمر إلى تكفير داعش نفسه وخليفته، ورفض أي فكرة للعودة إلى فرنسا قبل القبض عليهن وترحيلهن عام 2019.
بوادر مراجعة فكرية أم وهم؟
وأمام المحكمة، حاولت كريستين ألان وكنتاها إظهار مسافة جديدة من الفكر المتطرف، مؤكّدات أن سنوات السجن ساعدتهن على “التحرر من الأيديولوجيا القاتلة”، ولو أن العمل ما زال “طويلاً وصعبًا”، بحسب تعبير محامي الدفاع.
لكن بالنسبة للكثيرين ممن عرفوا كريستين سابقًا، يبقى التحول من “مربية للأطفال” إلى “سجينة لداعش” جرحًا لا يندمل، وتجسيدًا حيًّا لخطورة التطرف الصامت الذي قد يتسلل حتى إلى أكثر البيوت هدوءًا./انتهى