في فجر الشهادة تهدمت أركان الهدى، وفاز الإمام علي (ع) كما قال: “فزت ورب الكعبة”

بغداد/ روافدنيوز
الرغم من المقولة الشهيرة “لا يوم كيومك يا أبا عبد الله”، وانعكاسها واقعيًا على تفرد يوم عاشوراء بالروحانية والمشاعر الكبيرة التي لا تشابه يوم آخر من أيام الحزن المرتبطة باهل البيت عليهم السلام، لكن ليلة جرح الامام علي عليه السلام، تكاد تكون مقاربة نوعا ما للأجواء الروحانية والحزينة ليوم عاشوراء، خصوصا لتزامن وارتباط هذا اليوم مع شهر رمضان وليلة القدر، مما يضفي الكثير من الأجواء الروحانية والايمانية على هذه الليلة.
واحيا المؤمنون في مرقد الامام علي عليه السلام بالنجف الاشرف ليلة الجرح والتي تستمر حتى ساعات الفجر، حيث موعد وقوع الضربة التي طالت هامة امير المؤمنين علي ابن ابي طالب “ع” خلال صلاة الفجر ليلة الـ18 على 19 رمضان عام 40 للهجرة.
ترتبط عملية استشهاد الامام علي عليه السلام والتي وقعت بعد 3 أيام من يوم الجرح أي في 21 رمضان، بتاريخ معقد من الفتن والتشظي الفكري والسياسي ونكث العهود والبيعة وغيرها من الإشكاليات التي رافقت أيام الخليفة الثالث عثمان بن عفان ثم مقتله وما تلاها من تولي الامام علي عليه السلام الخلافة ثم حرب الجمل وحرب صفين مع معاوية ابن ابي سفيان، الذي رفض مبايعة الامام علي “ع” لحين القصاص من قتلة عثمان، فيما شدد الامام علي “ع” على انه “لا قصاص من قتلة عثمان قبل البيعة”، حيث كان يهدف الامام “ع” لاستتباب الامر بيديه كاملا على كافة الامصار الإسلامية قبل الشروع بالقصاص وما قد ترافقه من فتنة، خصوصًا وان من شارك بقتل عثمان الكثير من المسلمين من امصار مختلفة والذين اصبحوا فيما بعد ضمن جيش الامام علي “ع”.
بدأت أسباب اغتيال الامام علي “ع” قبل 3 أعوام من موعد الاغتيال، وتحديدًا في عام 37 للهجرة خلال معركة صفين بين جيش الامام علي “ع” في الكوفة، وجيش معاوية ابن ابي سفيان في الشام، نتيجة خلاف “البيعة والقصاص”، حيث بعد معركة استمرت حوالي 8 اشهر، اتفق الطرفان على “التحكيم” عندما رفع جيش معاوية القران على سنان الرمح مطالبين بالتحكيم او الاحتكام الى القران الكريم، فوافق الامام علي عليه السلام للاحتكام الى القران والمناظرة والتوافق على انتهاء القتال ويبقى معاوية على الشام وعلي “ع” على الكوفة.
من هنا نشأت فرقة الخوارج التي ستقتل الامام عليه “ع” فيما بعد، حيث كان من قتل الامام علي “عبد الرحمن بن ملجم” والخوارج عمومًا، ضمن جيش الامام علي “ع”، يقاتلون معه ضد معاوية، حيث نشب الخلاف الفكري من هنا، حيث رفض هؤلاء “التحكيم”، وقالوا ان “الحكم الا لله”، ولا يجوز إعطاء حكم الله للرجال، ويقصدون أن حكم الله واضح، ولا يجوز ان يتفقه فيه المتناظرون فيما بينهم وتحديدا عبد الله بن عباس من طرف جيش الامام علي “ع”، وعمرو ابن العاص من طرف جيش معاوية في التحكيم، وارادوا مواصلة القتال ضد معاوية حتى مبايعة الامام علي “ع”، أي انهم يرون ان معاوية وجيشه “فئة باغية”، لانها قاتلت “خليفة المسلمين” وولي الامر علي “ع”، واعتبروا ان القبول بالتحكيم، هو خروج عن حكم الله.
خرج حوالي 12 الفا من جيش الامام علي “ع”، واسسوا فريقهم الذي عرف لاحقا بالخوارج، وحاربهم الامام علي “ع” في معركة النهروان، كما نها عن قتالهم بعده، وبعد ذلك، قام الخوارج بانتداب 3 اشخاص منهم وهم، عبد الرحمن بن ملجم المرادي لاغتيال الامام علي “ع”، والبرك بن عبد الله التميمي، لاغتيال معاوية، وعمرو بن بكير التميمي لاغتيال عمرو بن العاص، لكن لم ينجح سوى بن ملجم في اغتيال الامام علي “ع”، فيما فشل الاخران.
وهكذا، “تهدمت اركان الهدى” في ذلك الفجر، لكن الامام علي “ع”، قد فاز فيها كما قال فور ضرب هامته اثناء الصلاة: “فزت ورب الكعبة”.