عود ثقاب .. يحرق المؤسسة التربوية في العراق

بغداد/روافدنيوز /شهد علي الربيعي
من أسس التربية الصحيحة والسليمة هي بناء فطرة سليمة والتأسيس لها بضوابط وقواعد شأنها شأن طرق التدريس والخطط الدراسية التي يضعها الاساتذة لبرنامجهم السنوي لتدريس الطلبة ، وهكذا فطرة سليمة معمول بها مع طلبة المدارس والثانويات حتى اصبحت بديهية ومنها نظافة الملابس وتقليم الاظافر وقص الشعر بطريقة لائقة ولكن نغفل او نتغافل عن تأسيس أهم قاعدة وهي تقليد اعمى يسعى له القاصر بمرحلة عمرية وهي تقليد الاكبر منه سناً ، ولنتحدث بشفافية اكبر ، ظاهرة التدخين التي تنتشر بين الطلبة كالنار في الهشيم ودون رقابة صارمة من قبّل المؤسسة التعليمية والتي من اسمها نستلهم الدلالة ونعرف حجم المسؤولية المناطة بها وهي وزارة التربية ، فالتربية قبل التعليم هذا ما يتضح لنا عند سماع الاسم . لقد اصبحت مؤخراً ظاهرة التدخين بين طلاب المدارس بأعلى بنسبها حتى إنّ اليافعين اصبحوا يتفاخرون بحمل السيجارة كرمز للرجولة ، وهذا لا يقتصر على الذكور، إنما الإناث يلجأن للتدخين في الأماكن المغلقة كدورات المياه.
بعيدا عن حجم الامراض التي تكون بسبب التدخين ولكن خطورتها في هكذا أعمار تكمن انها بداية لطريق الانحراف فيه لا ينتهي عند نقطة محددة . فالتدخين هو اول عتبات الدخول الى مستنقع الادمان بجميع اشكاله وتنوع طرق استخدامه .
نعم من خلال بوابة التدخين يكون الطريق سالكاً امام التعرف على أنواع كثيرة من المخدرات ومن اهمالها الكرستال والحشيشة وغيرها الكثير .
نتفق كلنا على أن الوالدين تقع عليهما المسؤولية الاولى في تنشئة الأبناء تنشئة صالحة وذلك عن طريق التربية الصحيحة بتعريف الأبناء بما يضرهم وما ينفعهم في حياتهم ، ولكن قوانين المؤسسة التعليمية تُحترم اكثر من الاسرة نفسها ، فالطالب داخل البيت مسيطر عليه لكن عنده ذهابه وبقاءه وعودته من المدرسة متسع كبير للكثير من الانحرافات ، وهنا تكمن أهمية وضع قوانين صارمة.
كذلك لابد من تفعيل دور المنسق الصحي في المدارس وإطلاق يده ويكون لديه صلاحية اوسع تصل الى التنسيق مع أولياء الأمور ووضع المعالجات السليمة في القضاء على هذه الظاهرة وغيرها منّ السلوكيات ، لذا لابد ايضاً من تنسيق اكبر مع وزارة الصحة ووضع برامج لمديرياتها مع المدارس.
و لا نغفل عن الدور الذي يلعبه الكادر التدريسي في التأثير على شخصية الطلبة والذي يصل الى ان يتحول قدوة يُحتذى به من قبل الطلبة ، وهنا لابد للقدوة أن لا يكون محرضاً على هكذا ظاهرة من خلال ممارسته لها أمام أنظارهم، على الرغم من وجود لوائح تمنع التدخين في اروقة المدارس ومرافقها تشمل حتى التدريسيين والموظفين.
الاسرة العراقية اليوم يقع عليها حمل كبير في تربية الجيل الحديث الذي أثرت عليه سلباً مواقع التواصل الاجتماعي ولكن جُل ما تتمناه ان يكون هنالك تنسيق مع المدارس في وضع حلول سليمة من خلال وضع برنامج سليم يتضمن محاضرات توعوية وقوانين أشد صرامة، فالطالب في هكذا مرحلة عمرية يكون مقلداً اكثر من كونه ذات شخصية مستقلة ، وقد يكون للكادر التدريسي ثأثير اكبر على شخصية الطالب من الاسرة نفسها، فاليوم الأسرة العراقية اصبحت تفضل مدرسة على اخرى بسبب ان هنالك إدارات مدارس مقصرة في دورها ومعروف عن طلبتها السلوك غير المنضبط وهذا يعود الى ضعف الدور الرقابي من قبل وزارة التربية في التعميم ومحاسبة الجميع لتكون المدارس كلها بمستوى واحد وسمعة جيدة.
كتابتنا اليوم عن التدخين قد يجدها القارئ عملية نبش في مواضيع صحافية مستهلكة تسعى لها الموسسات الاعلامية من أجل تغطية مساحة لا اكثر ، ولكن لنا من وراء ذكر التدخين مقاصد كثيرة كي لا ننشر غسيلنا امام شاشات الدول الاخرى. نعم ذكّرنا أعلاه ان التدخين أول عتبات الدخول الى مستنقع الإدمان وهذه اشارة واحدة كفيلة لمعرفة حجم الدمار المسكوت عنه بإرادتنا ودون إرادتنا والذي يكبل اقلامنا من الافصاح عنه حياءً من نشر غسيل لا ينشف سريعاً.