طريق العودة إلى الدارسة عبر بوابة الإمتحان الخارجي

بغداد/روافدنيوز /أحمد هادي الشمري
قديماً كان اول العقبات التي واجهتها المرأة العراقية هي معاناتها من خلال تهميش دورها في الحياة عبر عدم اعطائها فرصة اكمال التعليم ، فالأعم والمسيطر ،آنذاك، على طبيعة المجتمع العراقي ان اغلب العوائل يوليون اهتماماً للذكور اكثر من النساء في اكمال مسيرة التعليم وهذا يعود الاسباب كثير من بينها انه الحروب التي كانت في العهد الماضي قد تمنح تأجيلات لمن هم في التعليم وعدم زجهم مؤقتاً في الخدمة العسكرية وهذا ما جعل الاهتمام يقتصر على الذكور دون الاناث وكذلك النظرة القاصرة للمجتمع سابقاً ، ويأتي ايضاً صعوبة التنقل للاناث ووصولهن للمدارس وكذلك الحروب التي مر بها البلد وكذلك الحصار وعدم توفير المستلزمات والاحتياجات للطلبة ويُضاف الى ذلك كله ، عامل الزواج المبكر . بعد عام 2003 وما حدث من احداث وتهجير وتعطل المدارس وخوف الأسر على البنات والكثير من العوامل التي ألقت بنفسها وجعلت المرأة فيها ضحية وقاصرة على مستوى تعليمي محدد اجبترها الاحداث التي شهدتها البلاد .
لكن اليوم وبعد كل ما حصل نجد في السنوات الأخير ازدياداً ملحوظاً في أعداد المتقدمات للدراسة الخارجية وكذلك عودة كثير من الطالبات الى مقاعد الدراسة ممن جربن الجلوس في البيت وتفضيله على المدرسة واكتشافهن مبكراً لحجم الخطأ الذي وقعن فيه عندما تركن الدراسة ، وكذلك تغير نمط التفكير لدى الكثير من العوائل ومنح فرصة للدراسة ناهيك عن تنوع مشارب التعليم ودخول العوامل المساعدة في الدراسة وكذلك يسر الحصول على التعلم إلكترونياً والانشغال بشيء مفيد بدل ضياع الوقت مع وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها ، وغير هذا كله تأتي الحاجة إلى تحصيل دراسي من اجل الحصول على وظيفة حكومية وسط مصاعب للحياة ومساعدتها للرجل او على الاقل ان تستطيع تقديم المساعدة لاطفالها وتدريسهم من خلال مساعدتهم في اكمال الواجبات المدرسية في المنزل.
وكان لهذا الاقبال الكبير الأثر الذي جعلنا ننتبه لزيادة اعداد الإناث المتقدمات للدراسة الخارج وبحسب أحصائيات وزارة التربية وكذلك وسائل الإعلام..
وقالت تبارك علي ضاري من بغداد ، عن تجربتها الشخصية بعد تركها للمقاعد الدراسية : حينما تركت الدراسة شعرت بالندم على تركي للدراسة وبدأت اشعر بتغير ليس إيجابياً على نمط حياتي وفقدت الشغف بالحياة اليومية وانتابتني لحظات من الحزن وانتابتني نوبات من البكاء وتحسرت كثيراً ووصل بي الحال الى المرض رغم الظروف القاهرة التي ادت الى تركي للدراسة، إلا انه هكذا شعور سلبي كان له نعكاس اخر وحافز للنجاح. واضافت ضاري ” السبب الذي جعلني اتخذ قرار العودة ومواصلة مشوار الدراسة كان بسبب ما تعرضت له من شعور بالندم وانتكاسة نفسية بسبب ترك مقاعد الدراسة ، لان شعور ضياع الحلم يجعل الحياة كئيبة ومملة ، لذا قرار العودة جاء معالجة ذلك الخطأ ولتحقيق الحلم والاستفادة من التجربة التي مررت بها ، بعد ان تركت الدراسة . وشارت الى انها” سابقاً عندما كنت ادرس كنت مهملة لدراستي بشكل كبير ولكن الأيام اثبتت تقصيري وهذه العودة ستكون عودة للتفوق والنجاح.
بينما نور الحيدري ، لها رأي اخر ، على الرغم من كونها مستمرة بالتعليم ولكنها تتحدث عن وضع عام وتجارب كثيرة مع بنات بعمرها نصحتهم بالعودة الى التعليم، حيث تحدثت ، قائلةً ” الأمر اراه بكل بساطة ان حصول الشخص على تحصيل دراسي معين يكون اشبه بوضع قدمه على اول عتبات النجاح والتميز فالحاصل على شهادة تتنوع مصادره المعيشة ، فالحياة دونها تكون اكثر صعوبة وتعقيد وهنا يبرز دور التحصيل الدراسي في مساعدته في للحصول على فرصة عمل.
وبينت الحيدري ” ان الأنسان بطبيعته يحتاج بشكل كبير الى اكتساب المعرفة وهذا يحصل عليه من خلال التعلم والدراسة واغلب الأشخاص الذين عادوا الى الدراسة بعد تركهم لها ، قد عادوا بعد تجربة قاسية مع الندم. واشارت الى ” الدراسة بعد تجربة كورونا اصبحت اكثر سهولة فهنالك العديد من الطرق للحصول على طريقة يستطيع الطالب منها الحصول على المعلومة ، وبدل الانشغال بمواقع التواصل الاجتماعي يركز بموضوع له فائدة على حياته ، فالأم المتعلمة اكثر فائدة لأطفالها وما يطلب منهم من واجبات مدرسية في البيت ، وهم ايضا يعدّون وسيلة تحفيز لها للحصول على شهادة وتكملة دراستها فهي في حالة مراجعة للدروسخ ومواكبة لها عندما تقوم بمتابعة الابناء ومراجعة الدروس معهم.
في حين تصف نبأ الغريري ، شعورها وهي عائدة لإكمال الدراسة عبر التقديم الخارجية ، وتقول “انا مثل بقية اقراني متحمسة جداً للعودة وإكمال الدراسة، رغم قلة التشجيع من محيط العائلي حتى ان بعض النساء الاقارب يجدن في عودتي لمقاعد الدراسة أنها جاءت متأخرة وانني سوف لن أجني من ثمار هكذا محاولة، ولكن هذا لن يثني عزيمتي على مواصلة حلمي وتحقيق الطموح والوصول الى الهدف الذي اسعى إليه.
وتؤكد الغريري ” انا اعرف جيداً أن من ينتقدني هذا اليوم فأنه سوف يرى نجاحي غداً وسوف يكون حافزاً له في مواصلة الدراسة ، لأن الناس أعداء ما جهلوا واتمنى أن أكون سبباً في خلق حافز للكثير من النسوة لإستثمار الوقت والجهد وعدم تأجيل مشاريع الطموح والنجاح في الحياة . ليس بالضرورة ان تسعى المرأة لمواصلة تعليمها من اجل ايجاد فرصة عمل بل يكفي انه تكون اكثر فائدة بالمستقبل لاسرتها ولنفسها والمجتمع وكذلك تزيد الدراسة من ثقتها في نفسها وتساعدها في التغلب على المشكلات التي تواجهها.
بينما تحدث لنا الاستاذ التربوي علي حسين الشمري ، عن عودة الإناث الى التعليم قائلاً : في السابق كانت أغلب العوائل لا تعتني بتعليم البنات وجل تركيزهم على تعلم الاولاد وبسبب هكذا نظرة قاصرة خسر التعليم في العراق للكثير من الطاقات النسوية التي لو أكملت دراستها لكان المجتمع في جانب افضل مما عليه اليوم . واوضح الشمري ” هنالك الكثير من النساء اللواتي تركن مقاعد الدراسة وتزوجن بسن مبكر واخذتهن الحياة الى معارج بعيدة عن الدراسة ، ولكن ثمة حلم يراودهن لم يمت داخلهن وعندما قررن العودة ، كانت خطواتهن مدروسة بشكل مميز ، وقد ساعد على ذلك القرار مصادر تنوع التعليم الالكتروني فهو متاح بشكل مجان عبر المنصات واغلب النساء يمتلكن تنظيم الوقت والإرادة ، فضلاً عن وجود الكثير من القنوات التعليمية والمتوفرة ويديرها اساتذة كفوئين. ونوه ” اليوم نظرة المجتمع تغيرت والحياة اصبحت تحتاج إلى حملة شهادات ، فأبسط تعيين او عمل يُطلب منك تحصيل دراسي ودون وثيقة ومستوى تعليمي، قد تجد فرصتك بالحياة شبه معدومة.
يُذكر ان هنالك ازدياد لأعداد العائدين سواء كان عبر الانتظام بمدارس او التقديم على الامتحانات الخارجية للصفوف المنتهية، وهذا مؤشر جيد يعكس نظرة المجتمع اتجاه التغيير والتطور عبر الحصول على شهادات علمية على إختلاف النوايا من وراء ذلك ولكنّه بالمحصلة هو من العوامل الإيجابية التي تقدم منفعة كبيرة للمجتمع العراقي.



