ذوو الاحتياجات الخاصة داخل السجون: حقوق منسية خلف القضبان

بغداد/مريم الفرطوسي
بين جدران السجون، تُنسى تفاصيل كثيرة من حقوق الإنسان، لكنّ الأكثر عرضة للتجاهل هم ذوو الاحتياجات الخاصة الذين يعانون بصمت. فإلى جانب العقوبة، يواجه هؤلاء السجناء تحديات مضاعفة بسبب الإهمال، وغياب التكييفات اللازمة لاحتياجاتهم الجسدية أو الذهنية، ،حسب المواثيق التي تكفل الكرامة الإنسانية حتى خلف القضبان.
واقع صعب
يعيش ذوو الإعاقات – سواء الجسدية، السمعية، البصرية، أو النفسية – داخل السجون أوضاعًا مأساوية،مثل عدم توفر كراسي متحركة أو أدوات مساعدة،وبيئات غير مهيّأة (دورات مياه غير مخصصة، صعوبة التنقل)،وتجاهل احتياجاتهم في برامج التأهيل أو الرعاية الطبية،غياب المترجمين بلغة الإشارة للسجناء الصم،عزل السجناء ذوي الإعاقة النفسية دون رعاية متخصصة.
وأفاد بعض المحامين والناشطين الحقوقيين أن هناك سجناء من ذوي الاحتياجات يواجهون صعوبة في حضور جلسات المحاكمة،كما ان تقارير حقوقية غير حكومية تشير إلى أن ما بين 3 ـ 9 بالمئة من نزلاء السجون يعانون من إعاقة دائمة،ووثقت منظمات دولية مثل هيومن رايتس ووتش وأمنيستي عدة انتهاكات في هذا السياق.
فجوة واسعة بحقوق الانسان
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يؤكد أن لكل إنسان الحق في الكرامة والمعاملة الإنسانية.
كما ان قواعد نيلسون مانديلا (القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء) تنصّ على ضرورة توفير الرعاية الخاصة للسجناء ذوي الإعاقات.
اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (CRPD) تفرض على الدول توفير بيئة مناسبة لاحتياجاتهم، حتى داخل السجون.
لكن الواقع يُظهر فجوةً واسعة بين النصوص والتطبيق.
“كنت أعاني من صعوبة في المشي، ولم يكن هناك من يساعدني في الوصول إلى دورة المياه… لم أشعر أني أعاقَب فقط على الجريمة، بل على إعاقتي أيضًا.”
— شهادة لسجين سابق، لم يُذكر اسمه لدواعٍ أمنية.
إن معاملة السجناء ذوي الاحتياجات الخاصة تكشف عن حاجة كبيرة في المنظومة العقابية للبرامج المعنية بذوي الاحتياجات الخاصة،هذه الفئة بحاجة إلى تعامل مختلف،لا يشمل فقط العقوبة، بل رعاية خاصة وتيسيرات إنسانية تحترم آدميتهم، وفقًا للمعايير الدولية.
ليسوا خارج القوانين
توفير بيئة سجون مهيّأة لذوي الاحتياجات الخاصة،وتدريب موظفي السجون على التعامل مع الإعاقات المختلفة،وإشراك منظمات حقوق الإنسان في المراقبة المستقلة للسجون،وتوفير الرعاية الصحية والنفسية المناسبة. ووضعهم في قاعات تتناسب مع اعاقتهم،وتسهيل الإفراج الشرطي أو العقوبات البديلة لذوي الإعاقات الشديدة.
ذوو الاحتياجات الخاصة ليسوا خارج دائرة القانون، ويجب ألا يكون السجن مكانًا لإلغاء إنسانيتهم. إعادة الاعتبار لهم لا تتطلب فقط القوانين، بل إرادة حقيقية لإصلاح ما أفسده الإهمال، وضمان ألا يكون السجن عقوبة مضاعفة لمن يعانون أصلًا من التهميش في المجتمع./انتهى