خلط النفط العراقي بالإيراني.. فضيحة بمليارات الدولارات أبطالها “أوميد” و”وليد السامرائي”

بغداد/روافدنيوز
في واحدة من أخطر القضايا التي تمس الاقتصاد العراقي وتهدد سمعته كمصدر للطاقة، تتكشف تباعًا تفاصيل فضيحة كبرى تتعلق بعمليات خلط النفط العراقي بالإيراني وتهريبه إلى الأسواق العالمية عبر شبكة معقدة من الشركات والوسطاء، يقف خلفها اسمان بارزان هما سالم أحمد سعيد المعروف بـ”أوميد” ووليد خالد حميد السامرائي، وكلاهما يواجه عقوبات أميركية مشددة منذ تموز 2025.
البداية من الرصيف 41
القصة انطلقت فعليًا في عام 2021، حين حصلت إحدى شركات أوميد على عقد استئجار الرصيف 41 في ميناء خور الزبير بمحافظة البصرة، مع خزانات أرضية وعائمة لتخزين النفط الأسود.
لكن سرعان ما تصاعدت الشبهات بوجود عمليات خلط ممنهجة للنفط الإيراني بالعراقي داخل هذه الخزانات، قبل إعادة تصديره بوثائق مزورة على أنه نفط عراقي رسمي، وفقا لخبراء.
لجنة برلمانية أعدت تقريرًا أوليًا في 2022 أشارت فيه إلى “عوائد إيجار شهرية أقل بكثير من قيمتها السوقية، وثغرات في العقد مع شركة سومو تتيح للشركة المستأجرة التصرف بكميات غير محددة من النفط”، لكن دون أي إجراء رادع، ليستمر العقد حتى فرضت واشنطن عقوبات على أوميد وشركاته في تموز 2025.
العقوبات على أوميد
وفي 3 تموز 2025، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية إدراج أوميد وعدد من شركاته في القائمة السوداء، متهمة إياه بتهريب النفط الإيراني منذ 2020 بمليارات الدولارات، وتزوير مستندات تصدير بالتعاون مع مسؤولين عراقيين، إضافة إلى دفع رشاوى لتسهيل مرور الشحنات وتمويل شبكات مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني.
وشملت العقوبات تجميد أصوله المالية في الخارج ومنع التعامل التجاري مع شركاته.
التحقيقات العراقية
وفي 5 تموز 2025، أعلنت لجنة النزاهة النيابية فتح تحقيق شامل في عقود أوميد، شمل التعاقدات مع شركة VS Oil Terminal ودور سومو وشركة الناقلات النفطية.
وجرى استدعاء مسؤولين للاستجواب، بينهم مدير عام شركة الناقلات النفطية، لكن أغلب الجلسات تأجلت أو أُفرغت من مضمونها بفعل ضغوط سياسية واضحة.
مصادر برلمانية كشفت أن “التحقيقات تضمنت أسماء لمسؤولين حزبيين وحكوميين تسلموا مبالغ مالية لقاء تسهيل العقود، إلا أن النتائج لم تُعلن للرأي العام”.
وبشكل مفاجئ، أُغلق التحقيق منتصف تموز 2025 دون توضيحات، ما أثار تساؤلات عن الأسباب الحقيقية وراء الصمت.
بطل “أخطبوط الظل الإيراني”.
وبالتوازي مع قضية أوميد، برز اسم وليد خالد حميد السامرائي، ونو رجل الأعمال العراقي المقيم في دبي والحامل لجنسية ساينت كيتس الكاريبية.
ففي آب 2025، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات جديدة عليه وعلى شركاته، بينها بابل وكالاغسي، متهمة إياه بقيادة شبكة تهريب نفط مرتبطة بما يُعرف إعلاميًا بـ”أخطبوط الظل الإيراني”.
ووفق التقديرات الأميركية، فإن هذه الشبكة حققت لإيران وشركائها أكثر من 300 مليون دولار سنويًا عبر عمليات خلط النفط الإيراني بالعراقي وبيعه في الأسواق العالمية.
آليات التهريب
التحقيقات الدولية أظهرت أن شبكتي “أوميد” و”السامرائي” اعتمدتا آليات تمويه متقدمة، أبرزها “استخدام وثائق شحن مزوّرة لإخفاء مصدر النفط الحقيقي ومزج النفط الإيراني بالعراقي في موانئ ومنصات تحميل وتشغيل شبكة ناقلات بحرية مسجلة بأسماء شركات واجهة في الخليج والبحر المتوسط”.
التداعيات على العراق
مراقبون حذروا من أن هذه القضايا تركت تداعيات اقتصادية وسياسية خطيرة منها تشويه سمعة النفط العراقي كمصدر موثوق وخسارة مليارات الدولارات من العوائد الرسمية. ومخاطر عقوبات ثانوية على العراق من واشنطن أو الاتحاد الأوروبي فضلا عن إضعاف ثقة الشعب بالمؤسسات الرقابية والقضائية نتيجة إغلاق التحقيقات دون نتائج”.
كما اعتبر خبراء أن “تجاهل الملف سيجعل العراق مرتهنًا لضغوط خارجية، خصوصًا مع امتلاك الولايات المتحدة وثائق تثبت حجم التهريب”.
ويرى محللون أن “فضيحة خلط النفط لم تكن مجرد عملية فساد اقتصادي، بل كشفت عن تشابك المصالح بين رجال أعمال نافذين وجهات رسمية وأطراف إقليمية، حيث استفادت إيران من العملية في الحصول على عملة صعبة رغم العقوبات، فيما تحول العراق إلى ساحة مفتوحة لهذه الشبكات، على حساب مصالحه الوطنية”.
هل يُفتح الملف مجددًا؟
ورغم العقوبات الأميركية والضجة الإعلامية، يبقى السؤال معلقًا “هل ستتم إعادة فتح التحقيقات بإشراف قضائي مستقل؟، هل سيلزم البرلمان الحكومة بالكشف عن جميع العقود السابقة واللاحقة مع شركات الطاقة المشبوهة، أم أن الملف سيُضاف إلى سجل طويل من القضايا التي طُويت تحت الضغط السياسي والإقليمي؟”.
ويبقى الرصيف 41 شاهدًا صامتًا على واحدة من أضخم عمليات التلاعب بثروة العراق منذ 2003 وحتى اليوم، فيما يرى خبراء أن مصداقية بغداد أمام المجتمع الدولي مرهونة بمدى جديتها في محاسبة المتورطين ووقف نزيف الثروة الوطنية./انتهى