العراق على أعتاب نهضة اقتصادية: 15 قانوناً بانتظار التصويت لإطلاق الإصلاح والتنمية الشاملة

بغداد/ روافدنيوز
يقف العراق اليوم على مفترقٍ اقتصادي حاسم، إذ توجد هناك خمسة عشر تشريعاً حيوياً في مجلس النواب تنتظر الضوء الأخضر، لتكون الشرارة الأولى لتحريك عجلة الاقتصاد الوطني بعد سنوات من الركود والتحديات المالية.
ويؤكد نواب وخبراء أن أي إصلاح مالي لا يمكن أن ينجح من دون تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد، مشيرين إلى أن التنمية تتطلب منظومة قوانين متكاملة تدعم الاستثمار المحلي والأجنبي، وتنهض بالقطاعين الصناعي والطاقة المتجددة، مع فتح المجال أمام شراكات فاعلة بين القطاعين العام والخاص.
وفي وقتٍ يستعيد فيه العراق استقراره الأمني، يترقب المواطنون خطوات عملية تلامس حياتهم اليومية وتعيد بناء الثقة بين الدولة والمجتمع، وسط دعوات لتحويل الاستقرار الأمني إلى استقرار اقتصادي وتنموي ينعكس على معيشة الناس.
ويأتي هذا الحراك التشريعي في مرحلة دقيقة تتطلب تركيز الجهود على معالجة الركود الاقتصادي ومنح دفعة إنعاش للقطاعات الإنتاجية والاستثمارية، بما يعزز التوازن بين الأمن والتنمية الاقتصادية
إصلاح اقتصادي
مقرر مجلس النواب النائب، غريب عسكر، بيّن أن “دعم القوانين المرتبطة بالموازنة العامة ينبغي أن يتحول إلى دعمٍ فعليٍ للتشريعات الاقتصادية وقوانين النزاهة”، مشدداً على أن “الإصلاح المالي لا يمكن فصله عن الإصلاح الاقتصادي ومكافحة الفساد، باعتبارها ركائز أساسية لتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الاستقرار في البلاد”.
وأوضح، أن “التركيز على تمرير القوانين التي تخدم الجوانب المالية فقط لا يكفي لتحقيق النهوض الاقتصادي المطلوب”، مبيناً أن “المرحلة الراهنة تتطلب تشريعات اقتصادية متكاملة تعالج مشكلات الاستثمار والصناعة والزراعة، وتفتح المجال أمام القطاع الخاص ليكون شريكاً أساسياً في عملية التنمية”.
وأضاف، أن “الموازنة لا يمكن أن تؤدي دورها الحقيقي ما لم تُدعَم بإصلاحات اقتصادية وتشريعات تضمن حسن التنفيذ وتوزيع الموارد بعدالة بين المحافظات”، لافتاً إلى أن “مجلس النواب يسعى إلى مراجعة شاملة للمنظومة التشريعية الاقتصادية، بما ينسجم مع متطلبات السوق وتوجهات الحكومة في دعم المشاريع الإنتاجية وتوسيع قاعدة الإيرادات غير النفطية”.
كما شدد عسكر على أهمية دعم القوانين التي تعزّز النزاهة ومكافحة الفساد، مؤكداً أن “النزاهة تمثل ركيزة أساسية في نجاح أي مشروع اقتصادي أو إصلاحي، وأن تعزيز الرقابة والشفافية في مؤسسات الدولة يسهم في حماية المال العام وتحقيق العدالة في توزيع الثروات”.
وأكد، أن “تحقيق النمو الاقتصادي يحتاج إلى تفعيل القوانين التي تشجع الاستثمار المحلي والأجنبي، وتحدّ من البيروقراطية والفساد الإداري، فالإصلاح المالي لا ينفصل عن دعم النزاهة والإصلاح الاقتصادي، وهما معاً يشكّلان قاعدة التنمية الشاملة التي يسعى البرلمان والحكومة لترسيخها”.
معضلة النصاب
من جهته، ذكر نائب رئيس لجنة التنمية والاستثمار النيابية، حسين السعبري أن “الجلسات الأخيرة التي لم يكتمل فيها النصاب كانت تتضمن حوالي 15 قانوناً مهماً جاهزاً للتصويت”، مشيراً إلى أن “من بين تلك القوانين ما يتعلق بعمل لجنة التنمية والاستثمار، وفي مقدمتها قانون الاستثمار الصناعي، الذي يُعدُّ من التشريعات الحيوية الداعمة للقطاع الصناعي الوطني”.
وبيّن السعبري، أن “القانون المذكور من شأنه أن يُسهم في تحريك عجلة الصناعة الوطنية، واستيعاب الأيدي العاملة المحلية، ورفع مستوى المنتج العراقي بما يرفد الاقتصاد الوطني ويعزز من فرص التنمية المستدامة في البلاد”، متمنياً أن “يُدرج هذا القانون على جدول أعمال الجلسة المقبلة للتصويت عليه”.
وأضاف، أن “من بين القوانين الأخرى المطروحة أمام مجلس النواب قانون المتضررين من النظام البائد، وقانون البطاقة الحمراء للطاقة المتجددة، إلى جانب مشاريع قوانين تنموية أخرى تسهم في تنشيط الاقتصاد ودعم القطاعات الإنتاجية”.
وفي ما يتعلق بملف الموازنة العامة، شدد السعبري، على أهمية أن تكون الموازنة المقبلة باتجاه دعم المسار الاقتصادي، مبيناً أن “البلاد حققت استقراراً أمنياً واضحاً، ما يتطلب التركيز على معالجة الركود الاقتصادي ومنح دفعة إنعاش للقطاعات الإنتاجية والاستثمارية، بما يحقق التوازن بين الاستقرار الأمني والتنمية الاقتصادية المستدامة”.
حكومة اقتصادية
النائب مصطفى الكرعاوي، رأى أن المرحلة المقبلة تتطلب تشكيل “حكومة اقتصادية” بامتياز تمتلك رؤية إصلاحية واقعية قادرة على مواجهة التحديات المالية والتنموية التي يمر بها العراق، مشدداً على أن “البلاد بحاجة إلى كفاءات وطنية وخبرات مهنية تتولى إدارة الملفات الحيوية بعيداً عن المحاصصة والمصالح الحزبية، من أجل بناء اقتصاد وطني متماسك واستعادة الثقة بين المواطن والدولة”.
وأوضح الكرعاوي، أن “جميع الدورات الانتخابية الخمس الماضية تمكنت من تحقيق استقرار أمني واضح، ما يستدعي أن يكون التركيز في المرحلة المقبلة على الملفات الاقتصادية والتنموية”، مؤكداً أن “الأزمة الحقيقية التي تعيشها البلاد اليوم ليست أمنية بقدر ما هي أزمة اقتصادية تتطلب قرارات شجاعة وخططاً مدروسة تعيد التوازن للمشهد الاقتصادي وتحافظ على استقرار السوق وفرص العمل”.
وأضاف، أن “العراق يمتلك كفاءات علمية ومهنية قادرة على صياغة سياسات اقتصادية فعالة”، داعياً إلى “تمكين النخب الوطنية من تولي المناصب التنفيذية بعيداً عن المصالح السياسية والحزبية، مع التركيز على الكفاءة والقدرة على الأداء”.
وأشار الكرعاوي، إلى أن “مهام مجلس النواب تتركز على التشريع والرقابة والمتابعة ورسم السياسات العامة”، مؤكداً أن “المجلس يتحمل مسؤولية دستورية في دعم تشكيل حكومة اقتصادية تمتلك برنامجاً واضحاً لأربع سنوات، قادرة على مواجهة التحديات وتجاوز الأزمات”.
وبيّن، أن “المرحلة القادمة تتطلب من القوى السياسية وضع المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار، والابتعاد عن التفكير بالمكاسب أو الطموحات الشخصية”، داعياً إلى “التضحية والعمل الجاد لعبور المرحلة المقبلة بحلول جذرية تنقذ الاقتصاد الوطني وتعزز الثقة بين المواطن والدولة”.
ثقة المواطن
وفي السياق ذاته، تمنى النائب فراس المسلماوي، على الحكومة المقبلة أن تركّز على التنفيذ الفعلي لبرامجها، مؤكداً أن “المرحلة المقبلة من الحكومة تتطلب الابتعاد عن الشعارات والوعود، والاتجاه نحو تحقيق منجزات واقعية يلمسها المواطن بشكل مباشر”.
وقال: إن “على الحكومة أن تضع خططاً قابلة للتطبيق تستند إلى برامج مدروسة”، وبين أن “المواطن اليوم ينتظر نتائج حقيقية وليست خطابات إعلامية، وعلى السلطتين التشريعية والتنفيذية أن تتعاونا لتوفير بيئة عمل منتجة تحقق تطلعات الشارع وتعيد الثقة بين الدولة والمواطن”./انتهى



