تحليلات وتقاريرتحليلات وتقاريررئيسي

الصحافة العراقية بين مطرقة الانتهاكات وسندان غياب التشريعات: 457 انتهاكاً في عام 2024 وتزايد المخاطر على الإعلاميين

بغداد/ روافدنيوز

ينعكس التصاعد المستمر في الأحداث العراقية بمختلف جوانبها على الصحفيين، من خلال تصدّرهم مشهد نقل الحقيقة التي قد تكلّف حياة الصحفي نفسه، في ظل التصعيد والتوترات التي ترافق المشهد العراقي. ومن منطلق قول الحقيقة، فإن نسب حماية الصحفيات والصحفيين بقيت متدنية خلال السنوات السابقة، بحسب الإحصائيات الرسمية التي تُنشر بين فترة وأخرى، حيث يتصدّر الاعتقال والتعدي والتجاوز وتكميم الأفواه، والأرقام التي تتدفق مما يُنشر على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتجاوز أيديولوجية القنوات الفضائية بشأن نشر الانتهاكات بحق الصحفيين.

وفي يوم الصحافة العالمي، لمهنة المتاعب، يفتقر المجتمع الإعلامي إلى العديد من المتطلبات والقوانين والحقوق التي تضعهم في دائرة “الحلقة الأضعف”، رغم تسمية الصحافة بالسلطة الرابعة، التي لا تخرج عن إطارها الاسمي، بحسب تقارير أكدت عدم خلو أي محافظة عراقية من تسجيل الانتهاكات ضد الصحفيين خلال السنوات السابقة.

وأعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1993، اعتبار الثالث من مايو/أيار من كل عام اليوم العالمي لحرية الصحافة، ليكون فرصة للاحتفاء بالمبادئ الأساسية لحرية الصحافة، وتقييمها في كل أنحاء العالم، والدفاع عن وسائط الإعلام أمام الهجمات التي تشن على حريتها، والإشادة بالصحفيين الذين فقدوا أرواحهم في أثناء أداء واجبهم.

*أبرز ضحايا الصحافة

وتفيد تقارير بان العراق فقد ما يزيد على 500 صحفي منذ عام 2003 في ظروف مختلفة بسبب العديد من الانتهاكات الحكومية وانتهاكات القوات الأجنبية عدا التنظيمات المتطرفة، وتحولت الأمور لاحقا إلى ملاحقات قضائية وتهديدات وترهيب وابتزاز ومساومة علنية.

*مهنة المتاعب

يواجه الصحفيون في العراق العديد من المضايقات، وخاصة أثناء العمل الميداني، مثل القتل، والخطف، والاعتداءات الجسدية، والتهديدات، ومصادرة المعدات، والمنع من التغطية، وتحطيم الكاميرات، وأخذ أشرطة الفيديو، والتمييز بين مؤسسة وأخرى، والإبعاد عن العمل بطريقة تعسفية، حيث يُعد العراق من أخطر الدول للعمل الصحفي، خاصة عند تغطية قضايا الفساد أو الاحتجاجات.

التضييق الاقتصادي*

يشكّل الجانب المادي للمجتمع الصحفي إحدى المشكلات التي تواجه الغالبية منهم، في ظل التمييز والإقصاء وغياب القوانين التي تحمي حقوق الصحفيين مادياً، حيث يكون الصحفي ضحية ضعف التمويل في بعض المؤسسات لعدة أشهر متتالية، مما يؤثر على استقرارهم ويعرضهم لضغوط من أصحاب النفوذ السياسي الذين يسيطرون على المنافذ الإعلامية.

*تحطيم الاقلام

يُعد استمرار عدم حماية الصحفيين قانونياً من الدعاوى الكيدية في المحاكم من أبرز المعرقلات التي تحد من إمكانية نقل الحقيقة، في ظل عدم القدرة على مواجهة جهات النفوذ التي تحاول تكسير الأقلام بغية عدم إظهار الحقائق، بالنظر إلى أن الصحافة العراقية أصبحت سلاحاً ذا حدين في العديد من القضايا.

*غياب الاستقصاء

يعود غياب الصحافة الاستقصائية إلى تركيز المؤسسات على الصراعات والمضاربات السياسية بهدف التسقيط والربح المادي، نظراً لكون هذه المؤسسات تابعة لجهات سياسية معينة، في ظل هاجس حكومي يخشى الصحافة الاستقصائية. وبالتالي، يتم التستر على الوثائق وملفات الفساد نتيجة غياب الشفافية، والملاحقات القضائية، والاعتقالات التعسفية، والمضايقات القانونية، بما في ذلك الاعتقالات دون تهم واضحة أو محاكمات غير عادلة، خاصة في إقليم كردستان، حيث سُجلت حالات اعتقال بسبب تقارير ناقدة.

*الحرية في مهب الريح

وكشفت جمعية الدفاع عن حرية الصحافة في تقريرها السنوي لعام 2024 “PFAA” عن سلسلة من الانتهاكات غير المسبوقة التي تعرض لها الصحفيون العراقيون، مؤكدةً أن المشهد الإعلامي في العراق لا يزال يعاني من تحديات كبيرة تتراوح بين القمع المباشر والتضييق على حرية التعبير، فمع تسجيل 457 انتهاكاً ضد الصحفيين، من قتل واعتقال وتهديد إلى منع التغطيات الإعلامية ورفع دعاوى قضائية، يبدو أن الصحافة العراقية تتعرض لأبشع صور القمع في ظل واقع سياسي مضطرب.

إن أكثر ما يلفت الانتباه في التقرير هو أن بغداد كانت المدينة الأبرز في انتهاك حقوق الصحفيين، حيث سُجلت 105 حالات انتهاك، شكلت الدعاوى القضائية من الجهات الحكومية الجزء الأكبر منها، وهذا يشير إلى أن الحكومة، بدلاً من أن تكون داعمة لحرية الصحافة، أصبحت أحد أكبر المساهمين في تقويض هذه الحرية، من خلال محاكمة الصحفيين وحبسهم بتهم غالباً ما تكون متعلقة بالنقد أو التحقيقات الصحفية التي تفضح الفساد والممارسات السياسية غير القانونية.

في سياق متصل، يقول مصطفى ناصر، عضو الجمعية، إن منهجية السلطة في الحجب والتحكم بالفضاء العام بشكل غير معقول تجعل الصحافة تمر بـ”أسوأ” فتراتها على الإطلاق”، لافتاً إلى أن “استمرار تقديم الدعاوى الكيدية من السياسيين والمسؤولين والمؤسسات الحكومية يُعد من أبرز المعوقات التي تواجه حرية الصحافة في العراق”.

وتابع أن “التقييد والحظر والملاحقة وصل إلى المواطنين الذين يمثلون مصادر مهمة للصحفيين، بشتى أنواع الطرق التي تحد من إمكانية نقل المعلومة الصحيحة وكشفها للرأي العام”، مردفاً أن “الصحافة المستقلة في العراق أصبحت تحتضر، بالنظر إلى الندرة في الصحفيين المستقلين نتيجة الممارسات والانتهاكات التي يتعرض لها الجميع”.

وأضاف أن “افتقاد الأمن الوظيفي للصحفيين من المشاكل الرئيسية التي تواجههم، وأن اتخاذ قرار التسريح الجماعي يتوقف على انهيار الاقتصاد، كما حصل في عام 2014″، مبيناً أن “المؤشرات الدولية والعالمية تنذر بتجدد الخطر ضد الصحفيين، من خلال اعتمادها على عدد الدعاوى القضائية والتهديدات، وعدم محاسبة قتلة الصحفيين، مع تقصير واضح من المنظومة القانونية، مما يجعل العراق يتذيّل ترتيب قوائم حرية الصحافة”.

*ضعف التشريع

وبحسب مراقبين، فان إقرار قانون حق الوصول على المعلومة بالصيغة التي قدمتها منظمات المجتمع المدني والصحفيين، وتعديل مواد جرائم النشر ضمن قانون العقوبات العراقي بما ينسجم مع الدستور الكافل لحرية العمل الصحفي سيكون الحل الذي يمثل حل الجزء الأكبر من المشكلة.

إلى ذلك، يؤكد رئيس خلية الإعلام الأمني، اللواء سعد معن، في يوم حرية الصحافة العالمي، أن الخلية مستمرة في العمل على تذليل العقبات التي تواجه الصحفيين أثناء العمل الميداني”، مشيراً إلى أنه “تم إلغاء كتب تسهيل المهام والموافقات التي كانت مطلوبة في اللقاءات الصحفية، ضمن مبادرات تسهيل العمل الصحفي في العراق”.

وتابع أن “الإعلام مستمر بفضل شهداء الصحافة الذين ضحّوا بدمائهم من أجل نقل الحقيقة، وخاصة في الدفاع عن الوطن”.

وأضاف أن “التشريعات القانونية التخصصية تشكّل أهمية كبيرة لحماية العمل الصحفي”، مشيراً إلى أن “مكانة الإعلاميين والصحفيين عالية ومحفوظة لدى المجتمع والحكومة، وأن الكثير من المؤسسات لا تمانع في إعطاء المعلومات للصحفيين”.

*احصائيات صادمة وقوانين غائبة

من جانبه، تؤشر رئيسة منتدى الاعلاميات العراقيات نبراس المعموري من خلال تقارير سنوية تتزامن مع اليوم العالمي لحرية الصحافة انه لغايه الان العراق لم يشرع قوانين حقيقية في مجال الاعلام سواء على صعيد حرية تعبير او على الصعيد حق الحصول على المعلومة او حماية البيانات او تعديل قانون حقوق الصحفيين.

وأشارت الى انه “بعد 2003 لدينا كم وليس نوع من وسائل الاعلام وبالتالي غاب الاعلام المستقل وهناك انحسار واضح للفرص الاعلامية المهنية الموضوعية بسبب المال السياسي وبسبب انه كثير من الاحزاب بدأت تأسس فضائيات او مؤسسات اعلامية تابعة لها بدون مراعاة شروط المهنية او الموضوعية في ادارة المؤسسات الإعلامية”.

وبينت ان “هناك ضعف بالنقابات والاتحادات والتي يفترض ان تحمي او تضمن حقوق هذه الشريحة وبالتالي انحصرت هذه المهام بمنظمات المجتمع المدني ومنظمات المجتمع المدني تواجه تحديات التمويل الاستمرارية الالتزام بمعايير العمل الصحفي او التخصصي بهذا الجانب”، مستدركة بالقول: ” هناك ضعف بالنقابات والاتحادات والتي يفترض ان تحمي او تضمن حقوق هذه الشريحة وبالتالي انحصرت هذه المهام بمنظمات المجتمع المدني ومنظمات المجتمع المدني تواجه تحديات التمويل الاستمرارية الالتزام بمعايير العمل الصحفي او التخصصي بهذا الجانب”.

ولفتت الى انه “سجلنا بعض الاشكاليات او الملاحظات على الانتاج الدرامي والمساحة الممنوحة لهذا هذا الانتاج انه يتمتع بحرية الانتاج بالإضافة لذلك اخذنا معيار التمييز على اساس الجنس واستحقاقات المرأة الصحفية وسجلنا بان هناك لغاية الان المرأة الصحفية ما اخذت استحقاقها في تبوء مراكز صنع القرار وان يكون هناك تواجد في المؤسسات بمعايير الكفاءة وسنوات الخبرة وايضا التحصيل الدراسي”.

وبحسب الاحصائيات الرسمية الصادرة من منتدى الاعلاميات العراقيات:

*في 2024 أحصينا تقرير مسجل أكثر من 85 حالة اعتداء بين قتل بين تعنيف ومصادرة معدات وحجز ورفع دعاوى وابتزاز وتشهير

* من ضمن الـ 85 هناك 12 حالة تتعلق بنساء اعلاميات البعض منهن رفعت عليهن دعاوى قضائية والبعض منهن تم التشهير بسمعتهن، والبعض منهن تم ايقافهن عن العمل او عدم اعطائهم استحقاقات.

*هناك حالة سجلت لدينا يتعرض احدى الاعلاميات الى التحرش والابتزاز اثناء التقديم الى وظيفة.

*هناك عدد من القرارات والاجراءات اتخذتها المؤسسات ذات العلاقة تقريبا هي من 6 الى 7 قرارات تراوحت بين هيئة الاعلام والاتصالات ووزارة الاتصالات كانت تتعلق بحجب مواقع كانت تتعلق ايضا بالمطالبة بحجب التيك توك اضافة الى بعض الاجراءات التي تتعلق بالعمل الصحفي او حجب الظهور الاعلامي لبعض الشخصيات او رفع دعوى قضائية.

*مخاطر مستمرة

وفي غضون ذلك، يقول عضو هيئة تحالف الدفاع عن حرية التعبير في العراق علي الحبيب ان الصحفيين يواجهون بيئة عمل محفوفة بالمخاطر حيث تتعدد التحديات التي تعيق عملهم بحرية وأمان ومن أبرزها: ضحايا الصحافة في العراق (2024-2025) بالإحصائيات:

تشير التقارير إلى استمرار العنف ضد الصحفيين في العراق خلال 2024-2025، مع تصاعد الانتهاكات. وفيما يلي أبرز الإحصائيات والحوادث والانتهاكات لعام 2024:

1ـ سجلت الجمعية العراقية لحماية حقوق الصحفيين 457 انتهاكًا ضد الصحفيين في 2024، تشمل الاعتداءات، التهديدات، الاعتقالات، والمنع من التغطية.

2ـ وثّق مركز ميترو في إقليم كردستان 37 حالة اعتقال و27 حادثة اعتداء على صحفيين في 2023، مع استمرار هذا الاتجاه في 2024، حيث تم استدعاء أو اعتقال 10 صحفيين على الأقل في الربع الأول من 2024.

3ـ مقتل صحفي في بغداد: في 12 مارس 2025، قُتل صحفي بطلق ناري في بغداد بعد شجار غامض، وتعهدت الشرطة بملاحقة الجاني.

4ـ اعتقالات في السليمانية: في 1 مارس 2025، اعتقلت قوات الآسايش ثلاثة صحفيين دون إفصاح عن الأسباب.

5ـ اعتداء في بابل: في 17 مارس 2025، اعتدى أفراد حماية محافظ بابل على صحفي أثناء تغطيته اجتماعات مجلس المحافظة.

6ـ حكم بالسجن في دهوك: في 7 مارس 2025، حُكم على صحفي بالسجن ثلاثة أشهر في دهوك لرفضه العمل لوكالة حزبية.

7ـ تشير تقارير إلى مقتل أكثر من 475-500 صحفي في العراق منذ 2003، بسبب الإرهاب، قوات الاحتلال، أو الاغتيالات.

8ـ في الموصل، قُتل حوالي 50 صحفيًا منذ 2003، بعضهم في معارك مع تنظيم الدولة أو اغتيالات.

وبالرغم من كل التحديات والانتهاكات والخروقات التي تتعرض لها الصحافة العراقية بصورة عامة، والصحفيون بصورة خاصة، يُحسب للمجتمع الصحفي تمسكه القوي بالمهنة وأخلاقياتها، وإرادته الصلبة في نقل الحقيقة، وكشف ملفات الفساد، وفضح الفاسدين، وإظهار الوثائق والمستندات إلى الرأي العام والجمهور.

كما يُواجه الصحفيون، إلى جانب ذلك، حربًا نفسية وحربًا باردة تستمر بعض الجهات في شنّها على المجتمع العراقي في حقب مختلفة، كان أشدها في أوقات الحروب، والطائفية، والانتصار على داعش، حيث كان للإعلام دور كبير وأساسي، وصلت مساهمته فيه إلى نسب عالية بالمقارنة مع التضحيات الكبيرة التي بُذلت من أجل تحرير العراق./انتهى

Rawafed News

وكالة روافد نيوز الإخبارية” وكالة عراقية بنكهة عربية اصيلة لاتمثل ولاتمت باي صلة لاي جهة حزبية او سياسية سواء داخل وخارج العراق هدفها نقل الحقائق كما هي دون تزييف او رتوش تنبذ العنف والطائفية والاستغلال البشرية وتعمل على نشر مفاهيم المحبة والامن والسلام في العالم وتحترم خاصية كل الاديان والطوائف والمذاهب وتعزز من الروابط الاجتماعية بين الناس

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x