شباب اليوم بهرمونات سبعيني من السبعينيات… ما سبب انخفاض التستوستيرون؟

روافدنيوز/ متابعة
من المرجح أن جدك كان يمتلك مستويات أعلى من هرمون التستوستيرون منك. لماذا؟
على مدى عقود، كانت مستويات التستوستيرون في انخفاض مستمر. ولسببٍ ما، شهدنا انخفاضًا على مستوى الأجيال منذ السبعينيات. وهذا يعني أن جيل الألفية (Millennials) وجيل زد (Gen Z) يمتلكان، في المتوسط، مستويات أقل بكثير من التستوستيرون مقارنةً بالأجيال السابقة.
الانخفاض الجيلي في التستوستيرون
بلغ متوسط مستوى التستوستيرون لدى رجل في الستين من عمره عام 1987 نحو 17.5 نانومول/لتر، وفقًا لدراسة أُجريت في ولاية ماساتشوستس عام 2007.
قارن ذلك برجل في الستين من عمره عام 2002 — إذ كان مستواه أقرب إلى 15 نانومول/لتر.
استنادًا إلى هذه البيانات، فإن متوسط مستويات التستوستيرون لدى الرجال ينخفض بنسبة 1٪ سنويًا تقريبًا.
وقد أظهرت دراسات على سكان فنلندا والدنمارك الاتجاه ذاته، كما وأكدت دراسة واسعة على رجال إسرائيليين بين عامي 2006 و2019 انخفاضًا بأكثر من 10٪ تقريبًا في كل الفئات العمرية.
والمقلق أن انخفاض التستوستيرون ليس المشكلة الوحيدة؛ فعدد الحيوانات المنوية يتراجع بشكل ملحوظ، وبعض اضطرابات الخصوبة مثل سرطان الخصية في ازدياد. وحتى قوة قبضة اليد لدى الرجال انخفضت. فماذا يحدث بالضبط؟
لماذا تنخفض مستويات التستوستيرون؟
سؤال معقد، ولا توجد إجابة واحدة قاطعة. الاحتمال الأكبر أنه ناتج عن عدة عوامل مجتمعة.
1. السمنة وقلة الحركة
الارتفاع الكبير في معدلات السمنة يلعب دورًا رئيسيًا في انخفاض التستوستيرون. فزيادة الوزن تخلّ بتوازن الهرمونات وتؤثر في استجابة الجسم للإنسولين، وكلاهما يقللان من إنتاج التستوستيرون.
وجدت إحدى الدراسات أن زيادة مؤشر كتلة الجسم (BMI) بمقدار 4–5 نقاط تعادل انخفاضًا في التستوستيرون يعادل التقدّم عشر سنوات في العمر.
نحن اليوم نأكل أكثر ونتحرك أقل. الثورة الرقمية جعلت الحياة أكثر راحة وأقل نشاطًا — يمكنك طلب وجبة سريعة من هاتفك وأنت تشاهد Netflix، وهو شيء لم يكن موجودًا في زمن أجدادنا.
حتى العمل تغيّر: أصبح آليًا ومكتبيًا أكثر من كونه يدويًا، ما يفسر تراجع قوة قبضة الرجال بمرور الوقت. ومع أن نمط الحياة الخامل يقلل من التستوستيرون، إلا أن الدراسات تُظهر استمرار الانخفاض حتى بعد احتساب عامل السمنة، مما يعني أن هناك أسبابًا إضافية.
2. السموم الخارجية
ارتفع الإنتاج العالمي من البلاستيك من 50 مليون طن في السبعينيات إلى 300 مليون طن اليوم. وأظهرت الأبحاث علاقة بين ذلك وبين صحة الهرمونات.
تحتوي كثير من أنواع البلاستيك على مواد تُعرف باسم المواد المسببة لاضطراب الغدد الصماء (EDCs)، وهي مواد تتداخل مع عمل الهرمونات. بعضها لا يتحلل بسهولة ويتراكم في الجسم بمرور الوقت، مما يجعله خطرًا حتى بجرعات صغيرة.
توجد هذه المواد في:
• زجاجات المياه البلاستيكية
• أوعية حفظ الطعام
• بطانات علب الطعام المعدنية
• المنظفات
وقد وُجد ارتباط بين التعرض لهذه المواد وبين اضطرابات في الانتباه (مثل ADHD)، والمناعة، والتمثيل الغذائي، والبلوغ، والخصوبة. كما ارتبطت بعض هذه المواد بانخفاض جودة السائل المنوي ومستويات التستوستيرون.
3. انخفاض معدلات التدخين
قد يُفاجئك أن بعض البيانات تشير إلى أن التدخين يزيد قليلًا من مستويات التستوستيرون، ربما لأن النيكوتين يتحوّل إلى مادة تُبطئ تكسير التستوستيرون.
في السبعينيات، كان نصف الرجال مدخنين، أما اليوم في المملكة المتحدة مثلًا فلا تتجاوز النسبة 15٪. وهذا قد يساهم جزئيًا في الانخفاض العام.
لكن بالطبع، هذا لا يعني أن التدخين مفيد — فمخاطره تفوق بكثير أي تأثير بسيط على الهرمونات.
4. التوتر والمشاكل النفسية
قد يؤدي التوتر القصير الأمد إلى ارتفاع مؤقت في التستوستيرون، لكن التوتر المزمن — الجسدي أو النفسي — يُقلل منه على المدى الطويل .
يقول البعض إننا أكثر توترًا من أي وقت مضى، وقد يكون في ذلك شيء من الصحة، خاصة في عصر “الاتصال الدائم”.
هواتفنا تطن بالإشعارات، وساعاتنا الذكية تهتز بالرسائل، وسماعاتنا تعزلنا عن العالم الحقيقي — كل ذلك يجعل من الصعب “إيقاف التشغيل” ذهنيًا.
يُظهر تقرير من Childwise أن معظم الأطفال يمتلكون هاتفًا محمولًا بعمر سبع سنوات، وهو ما يحمل تبعات نفسية.
استخدام الهواتف الذكية ارتبط بصعوبة التحكم في العواطف، الاندفاعية، إدمان وسائل التواصل، انخفاض تقدير الذات، ومشاعر القلق والخوف من فوات الفرص. كما يؤثر جسديًا عبر اضطرابات النوم، وقلة النشاط، والصداع.
ومع ذلك، هناك من يرى جوانب إيجابية، مثل تعزيز العلاقات الاجتماعية أو الإلهام والمعرفة.
قد يكون جيل زد ببساطة يمثل بداية عصر جديد من التواصل الإنساني، وما زلنا لا نعرف تمامًا أثره الطويل المدى.
5. أسباب أخرى
هناك فرضيات أخرى أكثر غرابة، مثل الملابس الضيقة وارتفاع حرارة المنازل— فثمة سبب لابتعاد “الجواهر الملكية” عن حرارة الجسم!
كما أن أمراضًا مثل السكري أصبحت أكثر شيوعًا، وترتبط غالبًا بانخفاض التستوستيرون، رغم أن العلاقة السببية بينهما غير واضحة.
الخلاصة: لا يوجد سبب واحد لهذا الانخفاض، بل هو نتيجة مزيج من التغيّرات في نمط الحياة والبيئة والسلوكيات.
أهمية التستوستيرون للرجال
التستوستيرون هو هرمون ذكري يُنتج أساسًا في الخصيتين، ويلعب دورًا مهمًا في:
• بناء العضلات
• نمو الشعر على الجسم والوجه
• تنظيم إنتاج الحيوانات المنوية
انخفاض التستوستيرون يمكن أن يسبب التعب، وقلة الرغبة الجنسية، وضعف العضلات والمزاج.
هل نتجه نحو “نهاية الخصوبة”؟
رغم الانخفاض المستمر في معدلات التستوستيرون وعدد الحيوانات المنوية، إلا أن المتوسط العام لا يزال ضمن النطاق الطبيعي. الانخفاض تدريجي، لذا لا داعي للذعر، لكنه يثير تساؤلات مهمة حول مستقبل الصحة الإنجابية للرجال.
اللافت أن وصفات العلاج ببدائل التستوستيرون (TRT) ارتفعت بشكل كبير، ليس فقط بسبب التغطية الإعلامية، بل لأن عدد الرجال الذين يعانون من نقص حقيقي في الهرمون قد ازداد فعلًا .
قياس مستويات التستوستيرون
لا حاجة لإجراء الفحوصات بانتظام إلا إذا ظهرت أعراض نقص التستوستيرون.
حينها، من الأفضل مراجعة الطبيب لقراءة النتائج ضمن السياق الصحيح.
كما يمكن إجراء اختبار منزلي بسيط عن طريق اختبار دم التستوستيرون، حيث تحصل على تقرير طبي يوضح نتائجك مقارنةً بمتوسط فئتك العمرية.
ولمن يرغب بصورة أشمل، هناك فحوص الهرمونات الذكرية الكاملة التي تقيس مستويات التستوستيرون إلى جانب هرمونات وبروتينات أخرى ضرورية للحفاظ على صحة الجهاز التناسلي والمزاج والعضلات والطاقة./انتهى



