جدل إقليم البصرة يعود إلى الواجهة: تضارب مواقف المفوضية وحراك مدني يشعل السجال السياسي

البصرة/ روافدنيوز
عادت دعوات تحويل البصرة إلى إقليم مستقل إلى صدارة المشهد العراقي، بعد تداول أنباء عن شروع مفوضية الانتخابات في المحافظة بتوزيع استمارات جمع التواقيع الخاصة بالمشروع، الأمر الذي فجّر موجة واسعة من الجدل السياسي والإعلامي، وأعاد ملف الأقاليم إلى دائرة السجال مجددًا.
وخلال الساعات الماضية، برز تضارب واضح في التصريحات بين مكتب مفوضية الانتخابات في البصرة والمقر العام للمفوضية في بغداد، بالتزامن مع تحركات منظمات مدنية تقود حراكًا جديدًا باتجاه تفعيل الخيار الدستوري لتشكيل الإقليم.
تضارب في المواقف
مدير مكتب المفوضية في البصرة، حيدر محمد، قال للوكالة الرسمية إن “المفوضية زودت استمارات لجمع تواقيع تمثل 2% من ناخبي المحافظة، تمهيدًا للانتقال إلى مرحلة جمع تواقيع 10% بعد التدقيق، ومن ثم رفع الطلب إلى مجلس الوزراء لتحديد موعد الاستفتاء الخاص بتشكيل إقليم البصرة”.
في المقابل، نفت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في بغداد هذه الأنباء، مؤكدة عدم صدور أي موافقة رسمية على إطلاق أو توزيع استمارات جمع التواقيع.
وشددت المتحدثة باسم المفوضية، جمانة الغلاي، على أن الكتاب المتداول لا يمثل موقف المفوضية، ووصفت ما أُثير بأنه غير دقيق.
حراك مدني وضجة شعبية
من جانبه، أكد رئيس منظمة بصرياثا للثقافة الفيدرالية عمار سرحان في تصريح صحافي، أن “التحرك باتجاه الإقليم تقوده منظمة مجتمع مدني مختصة بالشأن الفيدرالي”، مشيرًا إلى “تقديم طلب رسمي للمفوضية استنادًا إلى المادة 119 من الدستور وقانون الأقاليم رقم 13 لسنة 2008”.
وأوضح أن “عدد ناخبي البصرة يتجاوز مليونًا و600 ألف ناخب، ما يجعل نسبة 2% أكثر من 32 ألف توقيع”، مبينًا أن “العمل جارٍ لجمع عدد أكبر من التواقيع وفق السياقات القانونية”.
وبالتوازي، شهدت منصات التواصل الاجتماعي تفاعلًا واسعًا مع القضية، بين مؤيد يرى في الإقليم حقًا دستوريًا لأبناء البصرة، ومعارض يحذر من تداعيات سياسية وإدارية قد تعمّق الانقسام داخل البلاد.
مواقف سياسية متباينة
وفي هذا السياق، اعتبر القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني عرفات كرم أن “الحديث عن تشكيل إقليم البصرة يمثل احترامًا لإرادة السكان وتطبيقًا لروح الدستور”، مؤكدًا أن “الأقاليم تتيح توزيعًا أكثر عدالة للسلطة والثروات”.
في المقابل، عبّرت أوساط سياسية أخرى عن قلقها من أن يتحول ملف الأقاليم إلى أداة لتفكيك البلاد أو استغلاله في الصراع السياسي، لا سيما في ظل التعقيدات الراهنة.
الإطار الدستوري
بدوره، أوضح الخبير القانوني علي التميمي أن “الدستور العراقي أجاز صراحة تشكيل الأقاليم، سواء من محافظة واحدة أو أكثر، وأن قانون رقم 13 لسنة 2008 نظم الآليات التنفيذية لهذا المسار، بما في ذلك الاستفتاء الشعبي”، مؤكدًا أن “هذا الحق مكفول ولا يمكن تعطيله خارج الأطر القانونية”.
وسبق لمحافظة البصرة أن شهدت محاولات مماثلة في عامي 2008 و2015، لكنها توقفت لأسباب سياسية وإدارية، رغم استيفاء بعض المتطلبات آنذاك.
وتُعد البصرة العمود الفقري للاقتصاد العراقي، إذ توفر النسبة الأكبر من الإيرادات النفطية والموانئ، في وقت ما تزال تعاني فيه من أزمات خدمية وبطالة مرتفعة وبنى تحتية متهالكة، ما يعزز المطالبات المحلية بإدارة الموارد بشكل ينعكس مباشرة على الواقع المعيشي لسكانها./انتهى



